توفّني مُسلِماً وألحِقني بالصالحين

 يُذكر أن الآية "ربِّ قد آتيتني من المُلك وعلّمتني من تأويل الأحاديث فاطِر السماوات والأرض أنتَ وليّي في الدنيا والآخرة توفّني مُسلماً وألحِقني بالصالحين" قد أُنزِلت على لسان نبي الله يوسف عليه السلام بعد أن مَنّ الله عليه بإتيانه النبوّة وتخليصه من إثم الوُقوع في الفاحشة والقدرة على تأويل الرؤى وإتيانه المُلك وجمعِه بإخوانه وأبيه ... وغيرها من النعم التي لا نستشعرها لشِدة اعتيادنا عليها كالقُدرة على التنفُّس للبقاء على قيد الحياة! بعد أن استشعر يوسف كل تلك النعم كان أسمى ما يدعو به هو الوفاة على الإسلام لله بالتوحيد واللحاق بالصالحين. وكذا للإنسان عندما يتفكّر في النِّعم التي تُحيط به محاولةً في إحصائها ولا يقدر، يزداد لديه الشعور بالتواضع ومعرفة حجمه ومكانه الطبيعيين في هذا الكون وذلك بدوره يدعو إلى زوال شعور الكِبر والتجبُّر ووقوع الظلم والعدوان على الآخرين. ذات مرة، كنت أتفكّر في المُذنبين (ولا أُحبِّذ لفظ المجرمين) الذين يُعتقلون لدى المخافر على اختلاف مشاكلهم وأخطائهم التي ارتكبوها وتساءلت، ماذا لو أن كل مُذنِب عُرِضت عليه آيات لله سبحانه وتعالى تُشير إلى جزاء ما اقترفه من الذنب مُسنداً معها الأحاديث النبوية التي تُثبت ذلك ولو كان على سبيل التقدير؟ وذلك قبل تنفيذ الُحكم عليه، علّه يتوب إلى الله. في كِلا الحالتين : الأولى/ مَن تفكّر في نِعم الله المُحيطة به في رخاء، الثانية/ من تفكر في نعم الله المحيطة به في شِدة وأدرك مدى عِظم الذنب الذي اقترفه على نفسه .. لا أشك في أن أسمى ما سيدعو به كلٌّ منهما هو "توفّني مُسلِماً وألحِقني بالصالحين" بعد أن يعلمان (نتيجة التفكُّر) أن اللقاء بالله محتوم بل وموجود وُجود العظَمة في تفاصيل الخلق والنِّعم وأنّه لا أعظم من أن يؤخذ لله مُسلماً ويجزيه الله بلقاء الصُّلّاح من العباد واللحاق بهم.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

فتوكّل على اللهِ إنّك على الحقِّ المُبين

والله يعلمُ وأنتُم لا تعلمون

وما أُبرّئ نفسي إن النفس لأمّارةٌ بالسوء إلّا ما رحِم ربّي