شُكراً لأيامٍ مضت جمعتني بك، جعلتني أعلمُ جمال شروق شمس الحياة بابتسامة ثغرك ودفء صوتك وحديثك، أؤمن بأن خالقي سيُعوّضني عن تلك الأيام بما هو أفضل ولكني لا أظن بأني سأجد ربعاً من تلك السعادة التي كانت تغمرني بجانبك، تركت بداخلي شيئاً أكبر من أن يُحكى وفراغاً لا مِلء له ... أخبرني ما الذي سيملؤه؟ أحضر لي البديل ثم ارحل حتى لا أعود لطُقوسِ ذلك الحنين ليلاً، فجراً، شُروقاً، ضحىً، ظهيرةً، عصراً، غُروباً ... كُل أوقاتي أنت! فعندما يغمُرُني ذلك الذي يُسمى بالحنين أنعزلُ عن ضجيج الحياة لأُثرثِر لورقي عنك وأُترجم دمع عيني بأحرف. لم أعُد أملك تلك الروح المَرِحة والجذّابة مثلما يقولون. من بعدك؛ أصبح الآخرين يشعرون بي ويرَونك بين أحرفي وأنت هناك لا تشعُر وتُثرثر : لا أحد يكترث لأمري، وأنا كُل أموري أنت!
وعِندما أدركتُ أن السّعادة الحقيقيّة وقيمة الإنسان تكمُن في مِقدارِ عطائهِ وسَعيِهِ في جلبِ السعادة إلى الآخرين وجدتُ أن الطِّب مسيرةً تُحقِّق لي سعادتي بِإبراءِ الألم ودفعِ السّقَم -بِإذنِ الله- ومنحِ الإنسان حياةً أفضل بِالمعيشةِ الكريمة التي لا تشوبُها عِلّة المرض. منذُ سنواتٍ مضت وعندما خطّت لي أُمّي "رِسالةً تِذكارِيّة" في دفتري الصّغير الذي تملأ صفحاته خربشاتِ الطُّفولة، اختتمتها بِمُلاحظة : "أتمنّى أن تفتحي هذا الدّفتر مرة أُخرى وأنتِ في صُفوفِ الطِّب"! كنتُ أقرؤها في كلِّ عام ويزدادُ معها إصراري على بُلوغِ مقعد الطِّب البشري وكأنّها تشحذُ مواطِن القُوة بِداخلي. في يومٍ ما دَعتني إحدى صديقاتي المُقرّبات لِمُرافقتها إلى كُلّية الطِّب، حيث كانت تقوم بِالتحضير لِتخصُّصها الطبي بِكُلِّية الطِّب وكنتُ حينئذٍ بِالصّفِّ الثاني ثانوي، وافقتُ على دعوتها دون تردُّد بَل وكيف لي أن أتردّد! منذُ ذلك اليوم وتلك اللحظة التي خطَوتُ بها أولى خطواتي إلى كُلِّيتي الحُلم من العام 1436هـ، ما ازددتُ إلا شغفاً ورغبةً بِأن أكون يد الله اليُمنى وأمنح مَن حولي حياةً أفضل وعنده...
معونةٌ منك أرجوها وإنّي دونها ضائع في غياهُبِّ الحياة فاقِداً لِلأمان أسألك يا مَن أودعت إليه الودائع هِدايةً لي ولكل إنسان فإنّا نرتحل من هذه الدنيا حاملين بضائع خُطّت عن أيمانِنا وشمائلنا بِالملَكان الغالِب منها معاصٍ أصبحت هي الطبائع غيّاً من كل شيطان إنسِيّاً كان أو جان بقيتُ على الذّنب جهلاً بِالوقائع ولكن اليقين يؤمّلني لِأنّك الرحمن رحمةً شملت السلف والتبائع فكيف لا تشملني وقلبي يحمل الإيمان إلهي .. علِّمني كيف أراك في الخلْق والروائع وكيف أبتهج بهجة طفلٍ بِالألوان حُبّأ بِك قلّ المَيل إلى المُباح سدّاً لِلذرائع فإنّه منك وبِك القوة وعليك التّكلان.
تعليقات
إرسال تعليق