ذُبول

كم تمنّيتُ لو أنكِ هُنا تُجاوريني؛ أتأمّلُ جمال وجهك، أرتشي السّعادة من فاهِك، أشكو إليكِ خبيئةً ضاق بها صدري وازداد بها همّي، ثم أُسرِّح من حُسنِ مبسمكِ جدائل الكلمات.
في يومٍ ما قرعتي باب قلبي؛ تمهّلتُ عند الفتح! خوف أن يكون ذلك الطارق عابِثاً لا يأبه بِمشاعرِ الآخرين يُربكهم على عجلٍ ثم يمضي تارِكاً خلفه دماراً لا تُرمِّمُه الأيام والسِّنين، وكنتُ دائماً ما أدعو الله أن لا أعيش ما قاسيتُه من عذابِ التعلُّق مرة أُخرى.
لم تمضي أياماً حتى وجدتُ نفسي عالقةً بين شِباك قلبك، أتلهّف شوقاً لِلُقياكِ، أحزن إن احتضنكِ الغيابُ عنّي، أخشى عليكِ الألم ثم لا أجِدُ سوى أن أكتُبكِ من العدم.
مضَت بنا رياحُ الحُبِّ إلى ما وراءِ العِشق، لم يعُد بِوُسعنا إنكار شيءٍ من ذلك الاهتمام المصحوب بِبريقِ لمعة الحُب. لازِلتُ أذكر جيداً تلك اللحظة التي غزى فيها صوتكِ قلبي لِأولِ مرة في مكالمةٍ فاقت كل معاني الحب حتى يكون بِوُسعي وصفها! ولازلت أذكر نظرة عينيكِ من حولي مخافة أن يحدُث ما قد لا يرضاه حبيبي (قلبكِ)، لازلت أذكر حكايانا، تبسُّمنا، أحضانُنا، خِصامُنا، وكل تفاصيلِنا بِدِقة، لازلت أذكر ذلك الحب الذي أثار جدل الكثيرين مِمّن حولي.
لم أكُن أُحسن أن أعبِّر لكِ عن مدى ما يكُنُّه قلبي لكِ، كل الذي أعلمه أنني حين لُقياكِ أنسى كل همٍّ وضائقة نزلت بي حتى إن كنتِ أنتِ سبباً لها؛ فحُضنكِ قادِراً على إخمادِ كل ما اشتعل بِداخلي.
يوماً ما ودون سابِق إنذار أفلتّي يديّ على عاتبةِ الطريق، تركتِني مُهملة على عتبةِ الانتظار حتى اكتسى الذُّبول وجنتاي وأخمد الدمع بريق عَيناي وأصبحت أُخبر المارّة عن حكاية هي أقربُ لِلحُلمِ من الحقيقة! أمسيت أخبر الله في صلواتي كم أحببتُكِ، وكم تعلّقتُ بكِ حتى عاث هذا الحب فساداً في صدري. بتُّ أتمنى الحديث إلى الجماداتِ حتى يشهد ذلك المقعد وتشهد تلك النافذة والجُدران أنها احتضنت حكايا حُبِّنا يوماً ما. لم أكُن أعلم أن الجمادات أوفى من البشر، ولم أشعُر قَط بِمدى سُخفِ هذه الدُّنيا وأنها لا تستحق كل ما نُعانيه من أجلها إلا بعدما رأيت أن الحب كِالسِّلعةِ يُباع ويُشترى بِاختلافِ الأشخاص، من بعدِ رحيلك.
وها أنا الآن وفي كُلِّ آن أكتبكِ اشتياقاً جمّاً يسبِقه دمعاً حثيثاً لا ينتهي إلا بِنومي على صورةٍ تحمل شفائي في مبسمكِ.
أفلتّي يدي في دنيا زائلة، لكنني سأحتضِنكِ بِالدُّعاءِ دوماً في أُخراكِ.
حُبّاً بِالله لا تنسَي من رأت فيكِ الحياة واتِّساعها، حتى باتت في مصيدةِ جُحر الاشتياق وحيدةً أسيرة تعيشُ على ذِكراكِ.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

وعِبادُ الرحمن الذين يَمشون على الأرضِ هَوناً وإذا خاطبهم الجاهِلون قالوا سلاماً

تطوير التعليم وأهميته

فتوكّل على اللهِ إنّك على الحقِّ المُبين