وعِندما أدركتُ أن السّعادة الحقيقيّة وقيمة الإنسان تكمُن في مِقدارِ عطائهِ وسَعيِهِ في جلبِ السعادة إلى الآخرين وجدتُ أن الطِّب مسيرةً تُحقِّق لي سعادتي بِإبراءِ الألم ودفعِ السّقَم -بِإذنِ الله- ومنحِ الإنسان حياةً أفضل بِالمعيشةِ الكريمة التي لا تشوبُها عِلّة المرض. منذُ سنواتٍ مضت وعندما خطّت لي أُمّي "رِسالةً تِذكارِيّة" في دفتري الصّغير الذي تملأ صفحاته خربشاتِ الطُّفولة، اختتمتها بِمُلاحظة : "أتمنّى أن تفتحي هذا الدّفتر مرة أُخرى وأنتِ في صُفوفِ الطِّب"! كنتُ أقرؤها في كلِّ عام ويزدادُ معها إصراري على بُلوغِ مقعد الطِّب البشري وكأنّها تشحذُ مواطِن القُوة بِداخلي. في يومٍ ما دَعتني إحدى صديقاتي المُقرّبات لِمُرافقتها إلى كُلّية الطِّب، حيث كانت تقوم بِالتحضير لِتخصُّصها الطبي بِكُلِّية الطِّب وكنتُ حينئذٍ بِالصّفِّ الثاني ثانوي، وافقتُ على دعوتها دون تردُّد بَل وكيف لي أن أتردّد! منذُ ذلك اليوم وتلك اللحظة التي خطَوتُ بها أولى خطواتي إلى كُلِّيتي الحُلم من العام 1436هـ، ما ازددتُ إلا شغفاً ورغبةً بِأن أكون يد الله اليُمنى وأمنح مَن حولي حياةً أفضل وعنده...
في ظاهِر كل ضائقة تمُر بنا شيئاً من الشعور بِالجزَع وسؤالاً كلَماذا قد يكتب لنا الله أن نقع في مثل تِلك الضوائق ولماذا اختارنا نحن من دونِ سائر الخلق؟ في الرابعة عشر من عمري عندما كنت في السنة الثانية من المرحلة الدراسية المتوسطة كان قد اجتمع جميع أفراد عائلة والدتي في منزل جدتي لحضور حفل العشاء الذي رتّبت له خالتي التي تقطن بنفس المنزل (منزل جدتي)، ذلك الحفل كان في الإجازة الصيفية أي بعد انتهاء العام الدراسي وكنت حينها أحضِّر للانتقال إلى السنة الثالثة من المرحلة الدراسية المتوسطة. بينما نحن، أنا وأبناء وبنات خالاتي، نتبادل أطراف الحديث في صالة المنزل إذ بوالدتي تخرج حامِلةً بيدها اليمنى هاتفها النقّال وبيدها اليسرى تحمل منديلاً ورقيّاً لتمسح الدموع من عينيها! كانت مُتجِهة إلى غرفة نوم جدتي لأنها لم تكن تستطيع الحِراك لتشارك خالاتي الجلوس مع الضيوف واستقبالهم. لحقت بها لأنظُر ماذا حدث حتى تخرج بذاك المنظر من مجلس الضيوف وسمعت الآتي : - والدتي : أمي، الحمد لله لقد صدر تعييني في وزارة التعليم من ضِمن جُموع القرارات التي تم إصدارها من ا...
شُكراً لأيامٍ مضت جمعتني بك، جعلتني أعلمُ جمال شروق شمس الحياة بابتسامة ثغرك ودفء صوتك وحديثك، أؤمن بأن خالقي سيُعوّضني عن تلك الأيام بما هو أفضل ولكني لا أظن بأني سأجد ربعاً من تلك السعادة التي كانت تغمرني بجانبك، تركت بداخلي شيئاً أكبر من أن يُحكى وفراغاً لا مِلء له ... أخبرني ما الذي سيملؤه؟ أحضر لي البديل ثم ارحل حتى لا أعود لطُقوسِ ذلك الحنين ليلاً، فجراً، شُروقاً، ضحىً، ظهيرةً، عصراً، غُروباً ... كُل أوقاتي أنت! فعندما يغمُرُني ذلك الذي يُسمى بالحنين أنعزلُ عن ضجيج الحياة لأُثرثِر لورقي عنك وأُترجم دمع عيني بأحرف. لم أعُد أملك تلك الروح المَرِحة والجذّابة مثلما يقولون. من بعدك؛ أصبح الآخرين يشعرون بي ويرَونك بين أحرفي وأنت هناك لا تشعُر وتُثرثر : لا أحد يكترث لأمري، وأنا كُل أموري أنت!
تعليقات
إرسال تعليق